نجيبة جلال/
في رواق وزارة العدل، وعلى هامش فعاليات معرض الكتاب بالرباط، احتضنت ندوة فكرية وقانونية حول “مدونة الأسرة بين الواقع والمستجدات التشريعية: مقاربة تحليلية“، كان من بين أبرز محاورها سؤال النسب، الذي ما زال يُطرح بإلحاح في النقاش العمومي، لا لغرابته بل لتعقيداته التي تتقاطع فيها القوانين بالشرائع، والحقوق بالمحاذير.
السيدة زهور الحر، المحامية بهيئة الدار البيضاء وعضو اللجنة الاستشارية السابقة لإصلاح المدونة، كانت من الأصوات الجريئة في هذه الندوة. فقد طرحت بقوة مسألة الاعتماد على الخبرة الجينية (ADN) في إثبات النسب، متسائلة: كيف يعقل أن نُقصي وسيلة علمية معترف بها دوليًا وتُقدّم درجة عالية من اليقين، ونتمسك بوسائل تقليدية قد تكون أحيانًا موضع شك أو تعسف؟
بل ذهبت أبعد من ذلك، حين قارنت بين الخبرة الجينية وعلم القيافة الذي ورد في السنة النبوية، مذكّرة بأن الفقهاء في العصور القديمة لم يترددوا في اعتماد الشبه الظاهري دليلاً على النسب، فكيف لنا اليوم أن نتحفّظ تجاه دليل علمي دقيق ومتطور، في زمن كثرت فيه النزاعات الأسرية، وتغيرت أشكال العلاقات؟
كلام الحر ليس معزولاً عن تساؤلات أوسع، بل هو كلام في قلب النقاش المجتمعي الحالي حول التعديلات التي ستطال مدونة الأسرة و إلى أي مدى سيتجو النص هذه المرة من لعنة تدافع التيار المحافظ و التيار التقدمي ….. .
الندوة كانت مناسبة لإعادة طرح أسئلة كبيرة على مدونة الأسرة: هل الصياغة الجديدة ستعكس واقع الأسر المغربية؟ هل ستحمي فعلاً حقوق النساء والأطفال؟ وهل آن الأوان لتخليصها من التردد والتوجّس تجاه العلم، خاصة حين يكون في خدمة العدالة والكرامة؟
الواقع يُلحّ، والتشريع لا بد أن يصغي.